***(( في عِيــادَةِ الأسنَان ))***
كان يا ما كان .. في قريبِ الزمانِ لا في قَدِيمه ..
رجلٌ يقالُ له (خالد) وهو كاتِبُ هذه السطور .. ذهبَ يوماً من الأيَّامِ إلى المستوصفِ القريبِ من دارهِ قاصِدَاً عيادةَ الأسنان
بالتحديد .. وعيادةُ الأسنانِ هذه تتكوّن من غُرفتين مُتقابلتين .. أُولاهُما للطبيب والأخرى للطبيبة ، وفي أثناءِ جُلوسِهِ في
صالةِ الانتظار ، وهو يترقَّبُ الإذنَ لهُ بالدّخولِ على الطبيب ، فُتِحَ ببابُ غُرفةِ الطبيبِ فإذا الذي يخرُجُ منهُ امرأة !..
وما هي إلاّ لحظات فيفتح بابُ الطبيبة فإذا الذي يخرجُ منهُ رَجُل !..
وهُنا وَقَفَ خالدٌ حائراً أمامَ هذا المشهدِ المُقلق لما استقرّ في فطرته ..
فأخذ يسأل بكلّ وضوحٍ وصراحة .. لماذا هذه المُغالطة ؟ .. لماذا يدخلُ المريضُ على الطبيبة مع وجودِ الطبيب ؟! ولماذا
(بصوت أعلى) تدخلُ المريضةُ على الطبيبِ مع وجودِ امرأة مثلها ؟!
إنَّ من أصعبِ الأمورِ أن يُخالِفَ الإنسانُ فطرةً فطرَ الله النّاسَ عليها ... فساعدوني أيُّها الأحبابُ في تفسيرِ هذا الموقف
وتحليلِ هذا المشهد ... نعم ساعدوني في الإجابةِ على تلكَ الأسئلة المنطقيَّة المُتتابعة ...
أهوَ عقلٌ سليمٌ ومنطقٌ صحيحٌ يعتقدُ الإنسانُ من خِلاله أنَّه ليسَ هُناكَ ما يدعوا إلى الدَّهشة ؟!..
أم هيَ فلسفاتٌ يُحاوِلُ الإنسانُ من خِلالِها أن يَكذِبَ على نفسه وأنَّ الأمر عاديّ ؟!..
أم هو شعورٌ بالنقصِ فنحاول إزالته بنقصٍ آخر ؟!..
أم هو مجرّد التمرّد على الدّينِ والعاداتِ والتقاليد ؟!..
أم هو قلّةُ تعظيمٍ لله ولشرعِهِ وتساهلٌ في تعريضِ النفسِ والغيرِ للفتنة والحَرج ؟!..
ألا ليتني كنتُ قادِراً على سُؤالِ المريضة عن سببِ اختيارِ الطبيب الرجل ، أو كان الوقتُ مناسباً لسؤالِ الرجل عن اختيارِهِ
للطبيبة ؟!..
أعِندكم من الله دليلٌ وبرهان ...؟!
أم هل لديكم منطقٌ سليمٌ قرّرهُ عُقلاءُ الإنسِ والجانّ ...؟!
أم أنَّكم تُزكّون أنفُسَكم بغيرِ هُدىً من الله فَحالَفَكم النُقصان ...؟!
قولي لهم أيَّتُها السيرةُ النبويّةُ كيفَ كانَ الحبيبُ صلّى الله عليهِ وسلّم يُعامِلُ النساء ... إنَّها المعاملةُ الصادقة ، والخِطَابُ
الجَلِيّ ...
إنَّها الابتعادُ عن مَظانِّ الرَيب ، ومُراقَبَةِ الوليّ ...
ألا فليُدوِّ قَسَمُ عائشة رضي الله عنها في أُذُنِ هؤلاءِ وهي تقول : والله ما مسّت يَدُ النبيِّ صلّى الله عليهِ وسلّم يَدَ أحدٍ
من النّساءِ إنَّما كانَ يُبايعهُنَّ بالكلام .. ومع ذلك فقد كانَ يُكثرُ من قَولِه : يا مقلّبَ القلوبِ ثبّت قلبي على دينك ..
فوا عَجَباً ...!
أيخافُ النبيُّ صلّى الله عليهِ وسلّمَ من مُضِلاّت الفتن !.. ونأمنها نحن ..!؟
ألا فلنكُن مع ربِّنَا من الصادقين ... وبشرعِهِ ودينِهِ من العاملين ..
(تَتِمَّة المشهد) :
نوديَ على اسمي فدخلتُ إلى الدكتور ، فكان أوّل ما سألته بعدَ السلامِ عليه عن دُخولِ المرأةِ عليه ؟ .. فقال إني أكرهُ
دُخولَ النّساءِ عليّ وأجدُ مِنهنّ الحرج الشديد .. ولكن هذا نظامُ المستوصف .. لا يُلزِمُ أحداً بشيء ولا يمنعه .. ثمَّ أخبرني
أن بعضَ النِّساء تأتي إليه في العيادة بكاملِ زينتها وكأنَّها ذاهبة إلى حفلةِ زواج .. لا إلى عيادةٍ وعِلاج ..
فيا ليتَ شِعري .. أيُّهما الأولى من هؤلاء :
أَتطهيرُ الأضراسِ والأسنــان ؟..
أم تطهيرُ الرُّوحِ والجَنَان ؟..
[/size]