السؤال الذي يلي الصدمة عند الخبر الأول، الصدمة التي تأتي بعد تشخيص الطفل، فتنزل كالصخرة على القلوب، تضيع البسمة، وتنتاب الأبوين لحظات من الصمت والحزن والغضب المتضارب، كل هذا رد فعل طبيعي،
وكل ما سبق قد يكون عائقاً أمام تقبل الطفل كفرد من العائلة .
ولكن عندما يشد الوالد على يدي الأم وعندما يأتي الذي يزيد من فهم الوالدين لهذا الاضطراب فيرفع من معنوياتهما، ويثبتهما وينقل لهما الخبر بطريقة مدروسة فلا يشعر معها الأبوان بالضياع خاصة إذا كانا حديثي العهد بالتوحد، إذا كنا قد تطرقنا بداية للسؤال، لماذا نحن؟ فلابد لنا من أن نتعرف على مراحل التقبل العامة، ألا وهي:
* مرحلة الصدمة.
* مرحلة الإنكار.
* مرحلة اضطراب التفكير.
* مرحلة التجاهل.
* مرحلة التوازن والتنظيم.
الصدمة
عندما تتطاير الأفكار هنا وهناك وعندما يعم الألم المكان، عندما يتلقى الأبوان أن طفلهما مصاب بالتوحد وتشرد نظرة الأم وتشرد معها نظرة الأب وتتعلق بالاختصاصي الإكلينيكي، اللحظات قاسية لا يستطيع أي إنسان الإحساس بما يحس به الأبوان لحظتها.
نكران الحدث
(لا أكيد هذا مو ابني ... أنتم تتحدثون عن واحد آخر).
ثم يتبعها السؤال: لماذا نحن؟!! إن النكران رد فعل دفاعي يحدث بعد الصدمة حيث لا يعترف الأبوان أن ابنهما معوق وهنا تبدأ مرحلة التنقل من طبيب إلى آخر ومن اختصاصي إلى آخر لأخذ رأي آخر، أنا أعرف أحد الأطفال (ابن جيراننا) كان يعاني من المشكلة نفسها ولكنه الآن بأحسن حال وتتكرر تلك العبارات:
طفلي لا يعاني من مشكلة، لم يظهر عليه أي شيء، يمكن أن تكون إعاقته بسيطة.
ثم تأتي مرحلة الغضب والسخط : هؤلاء لا يعرفون شيئا، لماذا أنا يا ربي؟ لماذا تعاقبني؟
يشعر الأبوان بالغضب وغالباً ما يصبان جام غضبهما على الكادر الطبي والتعليمي بصفته المتعامل اللصيق لابنهما وقد يصبان الغضب على بعضهما البعض فيكثر التوتر والعصبية:
أكيد منك
أنا عائلتي سليمة.
ثم تأتي مرحلة الشعور بالذنب واضطراب التفكير :
أنا السبب...
لو اني قمت بإجراء الفحوصات...
لو أني لم أنجب أساساً.
وهنا يتحكم بالأبوين شعور بأنهما قد ارتكبا خطأ سواء قبل ولادة طفلهما أو بعد ولادته، وقد تتحول هذه المرحلة إلى لوم الأبوين لبعضيهما فيسفر عن ذلك مشاكل أسرية.
التجاهل
وهو جزء من عدم القبول لهذا الطفل فيتصرف الأبوان وكأنه غير موجود، أو كأن الإعاقة غير موجودة، حتى لو تم سؤالهما من قبل الأقارب فيلجأون فوراً لتغيير الموضوع.
التوازن والتنظيم
أنا أريد لابني الأفضل.. أريده أن يتعلم .. ما الخدمات التي يمكن أن استفيد منها حتى أساعد طفلي؟. وهذه المرحلة أحيانا لا تعني أن الأسى انتهى، فالكثير من الدراسات أثبتت أن الحزن يكون في العمق وقد ينفض عنه الغبار في أي لحظة، فالأبوان يمران بمراحل انتقالية، يشعران فيها بالحزن في أي مرحلة.
في النهاية لابد لنا من أن نذكر بأن هذه المراحل يمر بها جميع الناس ولكن يختلف أحدهما عن الآخر في الفترة التي تستمر بها كل مرحلة ومع الإرادة والعزم والإيمان والرضا بالقضاء والقدر يصل الأبوان إلى مرحلة القبول والتوازن بأسرع وقت ليتفكروا أولاً وأخيراً بهذا الطفل الذي يحتاج إلى الكثير من الحب والحنان والرعاية بكافة أشكالها